عالم من الخدمات العربية المتكاملة لكافة أفراد الأسرة

قصة صخرة الربوة … اذكريني دائماً

3
قصة صخرة الربوة ... اذكريني دائماً
قصة صخرة الربوة … اذكريني دائماً

من االحكايا الأسطوريه التي انتشرت في دمشق , حكاية تلك الصخرة الشاهقة
الموجوده على احد تلال جبل قاسيون في دمشق عند مدخل منطقة الربوة ….
الصخرة التي سماها اهل دمشق (( صخرة اذكريني )) وتقع في منطقة الربوة
القريبة من دمشق ،

يقال ان لهذه الصخرة حكايه ….. ولا أحد يعلم فيما اذا كانت هذه الحكاية
حقيقية…*

هي قصة حب جمعت بين محي الدين و أميمة عاشقان من دمشق , من شوارعها العتيقة
, من حاراتها التي اعتادت على معانقة الياسمين والنوم على ضوء قمر جميل
يحلم بلقيا الشمس في اليوم التالي …

محي الدين ابن الثامنة عشر ربيعا هو ابن الحاج ابراهيم التركماني وهو من
اكبر تجار الاقمشة في السوق العتيق , ولديه خمسة أولاد كان أكبرهم محي
الدين , الذي اعتاد كل يوم على الاستيقاظ مع صلاة الفجر كي يبدأ يومه يفتح
المحلات في السوق ويشرف بنفسه على الأقمشة و على خامات الدامسكو الجميلة
التي اخذت اسمها من اسم مدينتها الجمليه.

أميمة ابنة الحاج راتب المعصراني الذي توفى في عامها الخامس ليتركها وحيده
مع أمها التي اتجهت للخياطة لنساء الحي وذاع صيتها في أركان المعموره ….
الست بوران الخياطة …

اعتادت الست بوران بعد ان تقدم بها العمر ان تصطحب أميمة معها الى السوق كي
تساعدها على حمل الاقمشة و كي تتعلم على ( الكار ) وتساعد نفسها في اليوم
الذي ستفارق به الأم حياتها ,

و في السوق العتيقة والباعة الذين لا يجلسون , دخلت الست بوران وابنتها الى
أحد محلات القماش للحاج ابراهيم التركماني , ويستقبلهم محي الدين وهو ينظر
بالأرض …. فهذه عادة الرجال في ذلك الزمن , حيث للمرأه حرمة ولا يجوز
مخاطبتها وجها لوجه …. ولا بد من غض البصر.
اتمت الست بوران مشترياتها وانطلقت هي وابنتها على وعد من المعلم محي الدين
بأن يرسل البضاعة الى المنزل …. وهذا ماحدث …. مع فارق بسيط ان المعلم
محي الدين بنفسه ذهب لارسال الطلبيه .. واستقبلته الست بوران من خلف الباب
لتستلم البضاعة وتعطيه باقي الحساب…

من ذلك اليوم ومازال صوت أميمة يسكن المحل و القماش اصبح جميعه أورغانزا
وباتت الحياة تنسج اسم أميمة عل كل شيء

تكررت زيارة الست بوران للمحل برفقة ابنتها الى ان جاء يوم لتدخل به أميمة
للمحل وحدها ,

أميمة : السلام عليكم معلم محي الدين
محي الدين : وعليكي السلام اختي …
أميمة : ياترى القمايش يلي وصتك عليهون امي صارو جاهزين ؟
محي الدين : ايه معلوم تكرم عينك … بس وينها الحجة انشالله مابها شي .
أميمة : والله تعبانه شوي..
محي الدين : له سلامتها انشالله ماعلى قلبها شر ….. امانة اختي اذا
لازمكن شي انا بالخدمة.
أميمة : يكتر خيرك ياأخي عطيني القمايش خليني اتيسر ع السريع … مابدي اتأخر.
محي الدين : ايه خلص ولا يهمك انت تيسري على البيت وانا ببعت القمايش مع
الصانع.
أميمة: ايه يكتر خيرك الهي …. خاطرك.
محي الدين : الله معك

كانت هذه أول مرة يرفع محي الدين رأسه عن السجادة التي اعتاد النظر اليها
حين مخاطبة الزبائن , وبقيت صورة أميمة مع صورة الحجاب الأزرق معلقة في ذهن
محي الدين الذي ايقن تماما انه بات يعرف مامعنى الحب .

وأميمة التي خرجت من المحل شعرت بمعنى كلمة رجل يخاف عليها او يهتم لأمرها
بعد أن عاشت عمرها في منزل لا يحمل غير صوت النساء وماكنة الخياطة , كم
كانت تحلم بكلمة ( يالله يالله ) من باب المنزل….أو رؤية خف رجالي مرمي
هنا ووزار منشور هناك …. وحينها ادركت انها ستدخل باب الحب.

ازداد مرض الست بوران و باتت القصة بحاجة الى تدبير , وجاء الخال ( ابو
صالح ) مفكرا بتزويج ابنة اخته أميمة لابنه مروان , لان الحالة الصحية للست
بوران اصبحت حرجة ولا يمكن لأميمة البقاء وحدها في المنزل …

وكالعادة لم يكن القرار بيد البنت في الزواج , اتفق الخال مع الأم وتم
إعلام مروان لتجهيز نفسه للخطبه …

أرسلت أميمة مرسالا لمحي الدين تخبره أنها سوف تتزوج , سارع محي الدين
بإرسال اهله للخطبة لكن الخال الذي استقبل الناس اعتذر لهم لأن البنت
(محجوزه ) لأحد ابنائه , حاول محي الدين اللقاء مع أميمة لتفهم الوضع , لكن
خروج أميمة من المنزل بات مستحيلا بعد أن أًصبح تزايد مرض أمها ……

…. و لكن الزواج كان لا محال …. وتم اعلان خطبة مروان على أميمة ….
ونزل الخبر على محي الدين كصاعقة حارقة …

فلقد كانت المرة الأولى الذي شعر فيها بالحب والمرة الأولى الذي شعر فيها
بالعجز , والمرة الأولى التي يعرف بها معنى الخسارة …

لم يستطع تحمل ذلك وضاقت به الدنيا بعدما رحبت …. وبات صوت الزغاريد يملأ
المكان دون ان يرحم أذني محي الدين وقلبه الذي ضاق …

ابتعد عن المكان , عن الحارة وعن المنطقة …ذهب بعيدا الى الجبال حيث يقدر
على البكاء بشدة وحيث لا يسمع صوت زغاريد ولا موسيقى …. وصل الى قمة جبل
الربوة و راقب الشام وهي ترتدي ثوبها المغربي بلون الشمس التي بدأت وكأنها
تحتضر ….

وبكل مافي قلبه من يأس و حب وحرمان …. أمسك حجرة ونقش على جدار صخرة
كبيرة كلمة … ( أّذكريني دائما ) … وارتمى في الهواء نحو الوادي وهو
يقول ….

(( أتذكريني يا أميمة !!!!!!! ))

وساد الصمت ….

نامت المدينه بعد ضجيج طويل وأصوات المياه المتدفقة من نهر بردى تغسل حكايه
عاشق مرمي على ضفافها ودمائه تجري على ينبوع ألم وذكريات….

وصل الخبر لبيت الست بوران وسمعت أميمة الخبر بكل حرقة …. والحناء لا
تزال في يدها…
لم تدر كيف وصلت أقدامها الى تلك الصخرة الكبيرة لترى النقش المحفور فيها …

أذكريني دائما ….

شعرت بأنها وصلت متأخرة فسحبت يدها تتلمس الكلمة وتقول ….

( مارح انساك يا حبيب الروح …. يا غالي )

ونقشت كلمتها ( لن أنساك ) على اسفل الصخرة لتجد نفسها بين الريح تقذف
جسدها الهزيل وتعانق الوادي بكل حب وهي تحلم بأنها ذاهبة في رحلة طويله الى
حيث الحبيب ينتظر..
حيث لا مكان ولا زمان ولا شي سوى يدي محي الدين الدافئة …

ونامت …

وشرب نهر بردى من حلاوة ريقها ليروي ضفاف الربوة بحب بات مزروع على ضفافه
وأشجار اللوز والكينا … تحكي الحكاية لكل نسمة تمر ثكلى من ذلك الوادي ….

هذه حكاية أميمة ومحي الدين …. وهذه حكاية حب دمشقية …..
حكاية عاشقين وصخرة كبيرة منقوش عليها كلمة (( اذكريني دائما ً )) وكتبت
تحتها عبارة خاصة بها هي (( لن أنساك ))

وبقيت هذه العبارة فترة طويلة من الزمان يراها بالعين المجردة كل من يمر من
تحتها , وأصبح المكان يعرف لدى سكان دمشق باذكريني دائما ً .. )) ….

وانتهت الحكاية …. وانتهت الأسطورة …

وبقيت الصخرة شاهدا حتى الآن

 

منقووووووول

 

عالم كعكي.

اترك رد